هل هو قضاء الله وأمره أم أفعال البشر؟
- عماد الجبالي
- 3 يونيو
- 2 دقائق قراءة
عندما تقع المصيبة، أو يرتكب الإنسان ذنبًا، يتردد السؤال في داخله كهمس لا يهدأ:
"هل هذا قدَرٌ من الله؟ أم أنه خطأ ارتكبته بيدي؟ وهل أنا حقًا مسؤول؟ أم أن الله كتب عليّ ذلك من قبل؟"
سؤالٌ يتكرر … وسبب تكراره أن الإنسان يعيش بين أمرين:
علم الله السابق،
واختياره الذي يشعر به كل يوم.
فأين الحقيقة؟ وهل نحن مجبرون على أفعالنا، أم أننا نُحاسب على اختياراتنا؟
🔹 الله يعلم كل شيء ... ولكن لا يُجبرك
الله سبحانه وتعالى يعلم كل شيء: يعلم ما كان، وما سيكون، وما لم يكن لو كان، فكيف يكون.
قال تعالى: "إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ" (القمر: 49)
قال تعالى: "وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ" (البلد: 10)
قال تعالى: "مَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ، وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا" (الإسراء: 15)
نعم، الله يعلم الطريق الذي ستسلكه، لكنه لم يدفعك إليه.بل أعطاك عقلًا، وضميرًا، وفطرة، ونذيرًا…ثم ترك لك بابين مفتوحين، وسألك:
قال تعالى: "فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر" (الكهف: 29)
🔸 الله قدّر كل النهايات … لكنك أنت من يختار
لك أن تتخيل الأمر هكذا:
الله كتب في علمه جميع النهايات الممكنة لحياتك:
إن صدقت … فلك نهاية مباركة.
إن كذبت … فلك عاقبة مظلمة.
إن ظلمت … فلك ختام مَقيت.
وإن صبرت … فلك رفعة ونور.
الله يعلم النتيجة لو اخترت هذا، ويعلم النتيجة لو اخترت ذاك. فإذا اخترت، تحقق فيك ما علمه الله. لكنّه لم يجبرك، بل أمهلك، وأرشدك، وفتح لك الأبواب.
🔸 من يحتجّ بالقدر... يهرب من الحقيقة
بعض الناس إذا وقع في معصية، أو ارتكب ظلمًا، قال:
"هذا ما كُتب علي، وأنا لم أُجبر."
لكن الحقيقة أنه اختار، والله إنما كتب في علمه ما اختاره العبد بإرادته.
لو كُنتَ مجبرًا، فلماذا يُحاسب الله الظالمين؟ ولماذا يُعذّب الكافرين؟ ولماذا يُجازي الصادقين والمجاهدين؟
قال تعالى: "تِلْكَ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ" (الزخرف: 72)
🔸 مثال بسيط يقرب لك المعنى:
تصوّر أن معلمًا قال لطلابه: "من يذاكر سينجح، ومن يهمل سيسقط."
ثم جاء الامتحان، ونجح من اجتهد، ورسب من تكاسل. فقال الراسب: "أنا لم أفعل، المعلم هو من قدّر ذلك!"
هل هذا منطق؟ كلا … بل أنت من اخترت، والمعلم فقط نبّهك إلى العواقب.
🔸 ولهذا لا يُقبل العذر يوم القيامة
"لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ، وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ" (الأنفال: 42)⬅️ أي: لا أحد يهلك أو ينجو إلا وقد ظهرت له الحقيقة.
كلنا نعرف … وكلنا نُدرك الفرق بين النور والظلام، ولكننا نُجبر أنفسنا أحيانًا على تجاهل النور.
🌿 لا تكن عبدًا للتبرير … بل عبدًا لله
قل: "يا رب، إني أختار رضاك."
لا تقل: "قد كُتب علي أن أكون هكذا."
قل: "اهدني لأحسن اختياراتي، واغفر لي زلّاتي."
لا تقل: "أنا هكذا خُلقت، ولا ذنب لي فيما أفعل."
🕊️ وفي الختام:
"اللهم لا تجعلنا نختار طريقًا نهايته غضبك، واهدنا لأقرب الطرق إلى رضاك، ووفقنا لما تحب، وثبتنا على الحق إذا ضاعت البصائر."
Comments