لأن الجَمال لا يُبرّر الشرك... اجتنب ما يُفسد توحيدك
- عماد الجبالي
- 27 أبريل
- 2 دقائق قراءة
في عالم تتزاحم فيه الشاشات، وتتعدد المنصات، وتغريك الإخراجات الفنية والقصص المشوقة، قد تنسى شيئًا واحدًا: عقيدتك.
تجلس لتشاهد عملاً فنيًا مدهشًا: ألوان ساحرة، موسيقى تبعث مشاعر، حبكة محبوكة، مشاهد خلّابة ... لكن فجأة، تجد طقسًا وثنيًا، أو مشهد سجود لصنم، أو تمجيد لقوة خارقة تعلو فوق إرادة الله، وربما آلهة متعددة تتنازع الخلق، أو أبطالًا يصنعون المعجزات بغير إذن ربهم.
وهنا، يقع الامتحان...
الفتنة لا تأتي دائمًا بصورتها القبيحة
لو جاءك فيلم يقول لك في بدايته: "سنروّج للشرك بالله"، لرفضته فورًا. لكن حين يأتيك مغطى بالجمال، محاطًا بالإبداع، مع قصة تبكيك أو تُضحكك أو تُبهر ذهنك، تفقد الحذر، وتُفتح النوافذ إلى قلبك شيئًا فشيئًا.
وهنا الخطر الحقيقي: التطبيع مع الشرك.
أن ترى الكفر بالله في مشهد وتتجاوزه، أن يُذكر اسم غير الله على أنه "من بيده الخلق"، وتبتسم للمشهد. أن ترى سجودًا لغير الله، وتراه فنًا لا خطر فيه.
قال الله تعالى: "وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا" [النساء: 140]
الشرك لا يُغتفر إن مات عليه صاحبه
لنعلم أن الشرك هو أعظم الذنوب، وليس هناك ذنب توعّد الله صاحبه بالخلود في النار إن مات عليه، إلا الشرك.
قال تعالى: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ، وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ..." [النساء: 48]
فكيف نستسيغه في فيلم أو مسلسل أو أنمي أو لعبة؟ كيف نرى آلهة متعددة تتحكم، أو أرواحًا تُبعث، أو تماثيل تُعبد، ثم نقول: "عمل جميل"؟
الجمال الحقيقي هو جمال التوحيد، والفن الحقيقي هو ما لا يُغضب الخالق، والمؤمن ليس عبدًا للمؤثرات، بل عبدًا لله وحده.
هل نعيش في كهف؟ هل نقاطع كل شيء؟
كلا، لسنا مأمورين باعتزال كل شيء، لكننا مأمورون بفلترة ما يدخل قلوبنا، وبتقديم العقيدة على التسلية، وبأن نُعرض عن الباطل مهما زخرفوه.
قال تعالى: "فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا" [النجم: 29]
إذا رأيت في عمل فني أو ترفيهي ما يُصادم عقيدتك، فاغلقه. مهما كان جميلًا، مؤثرًا، جذابًا ... لأن العقيدة لا يُساوم عليها، وما يفسد القلب لا يستحق ثانية من وقتك.
ما هو الحل؟
فلترة المحتوى قبل مشاهدته.
التوعية الذاتية والأسَرية بخطر "التطبيع مع الشرك".
البحث عن البدائل النقية من الأعمال النظيفة والممتعة.
دعم المحتوى الإبداعي النظيف الذي يحترم عقيدة المسلم.
ولا تقل: "أنا قوي، لن أتأثر. "بل قل: "قلبي أمانة، وسأحميه". فالقلب أضعف مما نظن، والتكرار يُطبع، والغفلة تُفسد.
"اللهم ارزقنا بصيرة تحفظ عقيدتنا، وغيرة على التوحيد لا تضعف، وإيمانًا يميز الحق من الباطل، واجعلنا من عبادك الذين لا يشترون لهو الحديث ليضلوا عن سبيلك، بل يفرّون إلى النور، ويغضّون أبصارهم عن كل ما يُغضبك."
Comments