top of page

    التفكر: مفتاح الإيمان واليقين

    • صورة الكاتب: عماد الجبالي
      عماد الجبالي
    • 31 مايو
    • 2 دقائق قراءة

    هل جلست يومًا صامتًا، بلا هاتف، بلا ضجيج، فقط أنت ونفسك؟ هل تساءلت: من أنا؟ ولماذا أنا هنا؟ وإلى أين أمضي؟

    في عالمٍ يسير فيه الناس سريعًا، قلّ من يتوقّف ليفكر. لكن الله، سبحانه وتعالى، حين أراد أن يوقظنا من الغفلة، لم يأمرنا فقط أن نؤمن، بل قال:

    قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِم ۗ مَّا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ (8)﴾ - سورة الروم

    لأن التفكر هو المفتاح … المفتاح الذي إن فُتح، انفتح معه باب اليقين، وانكشفت به الغشاوة عن العيون والقلوب.


    حين يتفكر الإنسان في الحياة…

    يكتشف أنها لم تكن يومًا عبثًا. في جسده وحده معجزات لا تُعد، في كل نفس، في كل خلية، في كل دمعة ومشاعر وذكرى … يبدأ حينها يدرك أن وراء هذا الإتقان إلهٌ حكيم، وأنه لم يُخلق سُدًى.

    قال تعالى: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115)﴾ - سورة المؤمنون

    لكن القصة لا تنتهي هنا…


    التفكر في الموت… بداية الحياة الحقيقية

    حين يُؤخذ من الإنسان روحه، تنكشف الحقيقة التي طالما غفل عنها: الدار الأولى كانت مؤقتة … والآخرة هي القرار. ينتزع ملك الموت الروح، وتُطوى الدنيا في لحظة … وفي تلك اللحظة يُقال للروح:

    قال تعالى: ﴿لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾ - سورة ق

    كم من لحظة مررنا بها ولم نرَ؟ كم من موقفٍ كان تذكرة فصرفنا نظرنا؟ إن أعظم مصيبة للبشر ليست في الموت … بل في أن تأتي لحظة الموت ولم نفهم الحياة بعد.


    خلقك الله للعبادة وعمارة الأرض… لا لجمع المال وتحصيل الشهرة

    حين يتفكر الإنسان بصدق: لماذا خُلقت؟ يجد الجواب في قوله تعالى:

    قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)﴾ - سورة الذاريات
    وفي آية أخرى قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ﴾ - سورة البقرة

    فالحياة ليست تنافسًا على الدنيا، بل سباقًا نحو الحق … والعبادة ليست فقط صلاة وصيام، بل هي أن تعيش لله … في كل لحظة، في كل عمل، في كل قرار.


    التفكر يلد الزهد … والزهد يلد الاستعداد للرحيل

    حين يعرف الإنسان أن هذه الدنيا مرحلة اختبار، يخفّ تعلّقه بها. لا يُدهشه بريق المال، ولا يربكه نقص الرزق، ولا تكسره خسارة مؤقتة…لأنه ينتظر الموت بطمأنينة، لا برعب. ينتظره لا لأنّه يتمنى النهاية، بل لأنه يرى ما بعد الموت بدايةً لخلودٍ وعد الله به أولياءه.


    خلاصة الطريق:

    إذا أردت أن توقظ قلبك، فابدأ بالتفكر. تفكر في خلقك، في نعم الله عليك، في الموت، في القيامة، في الجنة والنار … وحينها ستدرك أن اليقين ليس مجرد علم، بل نورٌ يقذفه الله في قلبٍ صادق تفكر وصدق.


    رسالة المقال إليك أيها القارئ:

    توقف. تفكر. واسأل الله أن يريك الحقيقة كما هي … قبل أن تُكشف لك عند الموت، حين لا ينفع ندم، ولا يُقبل عمل. اجعل قلبك مرآة تعكس نور التفكر، وامشِ إلى الله عينك ترى، وقلبك يبصر، وروحك تسجد.

    Comments

    Rated 0 out of 5 stars.
    No ratings yet

    Add a rating
    bottom of page